في لحظة إقليمية مكتظة بالتغيّرات بعد «طوفان الأقصى»، تبرز الحاجة إلى قراءة متأنّية لمساري السعودية وإيران، ومدى انعكاس هذين المسارين على الساحة اللبنانية .
الجمعة ١٤ نوفمبر ٢٠٢٥
المحرّر السياسي-تفرض المرحلة الراهنة مقارنةً معمّقة بين الوضعين السعودي والإيراني في الخريطة الدولية، لما لهذه المقارنة من تأثير مباشر على لبنان. فقد أظهرت التحوّلات المتسارعة بعد عملية «طوفان الأقصى» أنّ الاستراتيجية الإيرانية القائمة على «الصبر الطويل» ورمزية حياكة السجاد تعثّرت، في الوقت الذي أثبتت فيه السعودية أنّ مقاربة «النفس الطويل» ورمزية ركوب الإبل بخطى ثابتة وبطيئة، أكثر فعالية على المدى السياسي والإقليمي. لبنانيًا، وبعد الضربة القاسية التي تلقّاها حزب الله في حرب المساندة الأحادية القرار، تبذل إيران جهودًا لإعادة ترتيب البيت الشيعي، بدءًا من إعادة تشبيك العلاقة بين حزب الله وحركة أمل، وصولًا إلى الحرص الشديد على إبقاء الرئيس نبيه بري في إطار الثنائية التي تشكّل المظلّة الأساسية للتوجّهات السياسية الشيعية. في المقابل، نجحت السعودية في ترسيخ معادلة جديدة داخل البيئة السنية، تقوم على إبعاد القيادات السنية عن محور حزب الله، من دون تبنّي «قاطرة واحدة» على غرار تجربة تيار المستقبل. ويظهر ذلك جليًا في التحوّلات الواضحة في مواقف شخصيات أساسية مثل أسامة سعد وفيصل كرامي، وإنْ اختلف مستوى الابتعاد بين المواقف الحادّة لزعيم صيدا والانفتاح الهادئ لزعيم طرابلس. كما أنّ الرياض احتضنت فاعلين سنّة في الشأن العام، باستثناء قلة كالنائب جهاد الصمد. وبينما تُنتظر التحالفات السنية المقبلة ودور السعودية في هندستها، يواجه حزب الله تحدّيات متراكمة، أبرزها الانعزال الداخلي وحذر حلفائه السابقين من الانخراط في معاركه الانتخابية خشية «الفيتو» الأميركي، من دون أن يُلغي ذلك قدرته على إيصال نواب من طوائف متعدّدة. ولا يمكن فصل الانتخابات المقبلة عن الواقع الإقليمي المتشكّل، الذي يتخطّى التفوّق العسكري الإسرائيلي المدعوم أميركيًا، ليشمل نجاح الدبلوماسية السعودية في التقدّم إلى موقع شريك في رسم المعادلات الجديدة، إذ نسجت الرياض شبكة علاقات واسعة مع واشنطن وعواصم غربية، مدعومةً بمحور عربي فاعل يمتدّ من مصر وقطر والإمارات وصولًا إلى تركيا، مع استمرار تدوير الزوايا مع طهران منذ اتفاق بكين. ويأتي كلّ ذلك على خلفية نهضة اقتصادية واجتماعية يقودها ولي العهد. في هذا السياق، تتبنّى السعودية مقاربة واضحة تجاه لبنان: حصر السلاح، وقف تهريب المخدرات، والإصلاحات. وتنفيذ هذه الشروط كفيل بإعادة العلاقات بين بيروت والرياض إلى مسارها الطبيعي. على الضفة المقابلة، تبدو الصورة الإيرانية أكثر تعقيدًا بعد الضربات الأميركية-الإسرائيلية لهيبتها النووية والعسكرية، وتفكّك «الهلال الشيعي» الذي باتت حلقته اللبنانية أقلّ التصاقًا بالعمق الإيراني بسبب خسارة النظام السوري دوره المركزي. وتغرق طهران في أزمة داخلية متفاقمة نتيجة غياب رؤية واضحة للتموضع الدولي ولتعزيز العلاقة بين المجتمع والنظام. وتكشف تقارير صحافية-تحقيق لرويترز-عن تناقضات صارخة في الشارع الإيراني: من مشاهد انفتاح اجتماعي في طهران إلى تشدد أمني وديني ضد أي حركة معارضة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة وانهيار للعملة وتراجع في تأمين الطاقة والمياه تزامنا مع انخراط الحكومة الايرانية في "السوق السوداء" للنفط الى جانب تبييض الدولار المرفوض أميركيا . وهكذا، يظهر ارتياح سعودي ظاهر يقابله قلق إيراني داخلي يدفع النظام إلى خلق مساحات من «التناقض المقصود»: هامش ضيق للتنفّس الشعبي مقابل قبضة صارمة على المعارضة الحقيقية. وبناءً على هذا المشهد، تبدو السعودية أكثر قدرة على مواكبة التحوّلات الإقليمية عبر رؤية دبلوماسية-اقتصادية-اجتماعية متماسكة، فيما تجد إيران نفسها محاصرة بـ«صبر» وقع في أفخاخ الداخل والخارج. أما لبنان، فسيبقى المتأثّر الأول بهذا الصراع الهادئ بين الاستراتيجيتين؛ ما يضع حزب الله أمام مرحلة دقيقة وربما خطيرة، تُعاد خلالها صياغة موازين القوى داخل البلاد وعبر الإقليم المهتز دوما. والخشية الأكبر أن يجد لبنان نفسه يدفع ثمناً مزدوجًا: بين مشروع إسرائيلي يزداد تحصينًا ومشروع إيراني يتفكك تدريجيًا، ما يجعل الجنوب اللبناني مقبلًا على مرحلة بالغة الخطورة.
تضيق هوامش المناورة أمام حزب الله في لحظة إقليمية دقيقة تتشابك فيها الضغوط المالية والسياسية والعسكرية، بينما لبنان بأسره يبدو عالقاً في الكماشة.
نشرت وكالة رويترز تحقيقا بعنوان"مصادر: إسرائيل تطلب من جيش لبنان تكثيف البحث عن أسلحة حزب الله".
لطالما جذبت مشاركة المجنسين في الانتخابات النيابية المراقبين لتحديد نسبة تأثيرهم على النتائج.
في «لقاء تنسيقي» عقد في بلدة المصيلح أطلق رئيس البرلمان نبيه بري ما وصفه بـ«البداية من أجل وضع خطة للبدء بإعادة الإعمار».
يتأرجح لبنان بين اتجاهي التفاوض مع اسرائيل والاصرار على المواجهة باللحم الحيّ.
يقف لبنان عند مفترق خطير، تتنازعه قرارات متناقضة بين سلطةٍ تريد التهدئة ومقاومةٍ تتهيّأ للاحتمالات كلها، فيما المنطقة الرمادية تضيق يوماً بعد يوم.
بعد نكسة حزب الله وبيئته، يطلّ علي لاريجاني بصفته المبعوث الإيراني في مهمة تمزج الأمن بالسياسة لإعادة الإمساك بخيوط النفوذ الإيراني في لبنان.
تزامنا مع مهمتي أورتاغوس ورشاد نشرت رويترز معلومات عن تفكيك الجيش مواقع عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان.
بينما تصوغ العواصم العربية رؤيتها الجديدة للسلام والأمن، ما زال لبنان يتخبّط في خطابٍ تخطاه الزمن بتطوراته العميقة.
لا يزال الانقسام عميقا بشأن مشاركة المغتربين في الانتخابات بين جبهة الرئيس بري والتيار الوطني الحر وبين القوات اللبنانية وحلفائها.