رسم التقاصف في المواقف بين الموفد الاميركي ديفيد هيل والديبلوماسية الايرانية في بيروت بعدا جديدا على الساحة اللبنانية.
الأربعاء ١٦ يناير ٢٠١٩
رسم التقاصف في المواقف بين الموفد الاميركي ديفيد هيل والديبلوماسية الايرانية في بيروت بعدا جديدا على الساحة اللبنانية.
نادرا أن تردّ سفارة في عاصمة على مسؤول ديبلوماسي في دولة ما.
وقليلا ما يهاجم ديبلوماسي في مهمة رسمية، دولة أخرى، من عاصمة لا تكنّ لهذه الدولة عداوة.
هذا من النادر أن يحصل في لغة التخاطب بين الدول، الا أنّه حصل في بيروت، في الساعات الماضية، حين وجّه هيل رسائل نارية الى ايران من منصة رئاسة الحكومة اللبنانية.
فردّت السفارة المعنية ببيان ناري، يذكّر، ببيانات الأحزاب اللبنانية حين تتعارك.
لم تنتظر الجمهورية الإسلامية الايرانية طويلا، ولم تتكّل على حزب الله في الردّ، أخذت المبادرة، عبر وسائلها الديبلوماسية الأمامية.
رسم هيل والبيان الايراني، بشكل واضح، خطوط التماس بين الجانبين الاميركي والإيراني.
هيل، الديبلوماسي الملتزم بتنفيذ استراتيجية الرئيس دونالد ترامب، في مواجهة ايران، حدّد أنّ خط النار المطلوب أميركيا، هو إمساك الدولة اللبنانية بقرارها السياسي والأمني والعسكري، من دون تدخلات إقليمية، و من دون "ميلشيات" خارجة عن سيادة هذه الدولة، بتعبير أخر، رفض الاميركيون استمرار حزب الله في دوره "الدفاعي" في لبنان، وذهب هيل الى وصفه ب "الارهابي".
ولتعزيز التمترس الاميركي على الجبهة اللبنانية، تغلغل هيل في التفاصيل اللبنانية حيث تكمن شياطين توزيع الحقائب الوزارية ومنها حقيبة الصحة، وصولا الى تشريع اجتماعات حكومة تصريف الاعمال للضرورات الاقتصادية وللالتزامات الدولية ولترسيخ قواعد الاستقرار الداخلي والحدودي.
ايران من جهتها، حددت حضورها في سوريا تحت مظلة الشرعية، لكنّها في لبنان افتقدت الى هذه المظلة، فلجأت الى مظلة أخرى، فذكرت بجهدها المستمر "لأي تعاون مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني الباسل والمقاومة المفتخرة".
هذا التماس الاميركي – الايراني في بيروت أعاد لبنان ساحة "لصراع الآخرين على أرضه".
بعد التصريح الاميركي، والبيان الايراني، ارتسمت خطوط جديدة في لبنان، وسيجد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، ووزير خارجيته جبران باسيل، نفسهما بين المطرقتين الاميركية والإيرانية.
دخل العهد إذا، والمسيحيون أيضا، زمنَ الخيارات الصعبة الذي ستنكشف حدتها حين كتابة البيان الوزاري للحكومة المؤجلة التأليف.
فهل سيوافق العهد على إعادة صياغة مقولة"الجيش والشعب والمقاومة"، فيُغضب الأميركيين الذين يخوض رئيسهم حربا جدية ضدّ ايران في المنطقة؟
أم سيُغضب خط الممانعة من دمشق الى طهران، فينفجر العهد من داخله، كما حدث في خيارات لعهود سابقة.
بالتأكيد يحتاج العهد الى عقول استشارية غير عادية لاجتياز هذه المرحلة.
ويحتاج الموارنة المجتمعون في بكركي الى تعزيز وحدتهم متذكرين أنّ الموارنة يفقدون رؤوسهم دوما في لعبة الأمم وفي الخيارات الخاطئة والمرتجلة والعشوائية.
كُتب على لبنان في هذه المرحلة أن تحلّ عليه "لعنة ترامب" المسكون بهواجس روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.
وكُتب عليه أن يتذكّر أنّ النظامين الايراني والسوري يلعبان دوما، لعبة الوقت، حتى يتغيّر العهد في البيت الأبيض، فتتبدّل الاستراتيجيات.
خطورة هذه المرحلة أنّ الايرانيين والسوريين لن يلعبوا وحدهم لعبة الوقت، فترامب سيلعبها أيضا منتظرا قطف ثمار العقوبات الاميركية على طهران التي برأيه ستينع في المدى المنظور.
بالانتظار، ليس أمام لبنان الا منفذ النأي بالنفس، فهل يقدر، وكيف؟
ضربت القوات الأميركية ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، وحذر الرئيس ترامب من هجمات أعنف إن لم توافق طهران على السلام.
اندفع حزب الله في الساعات الماضية باتخاذ مواقف من المواجهة الاسرائيلية الايرانية بعكس توجهات السلطة اللبنانية.
تتقدم المواجهة المفتوحة بين ايران واسرائيل الى مربعات جديدة والعالم يترقب.
لم تتضح صورة ما ستؤول اليه الحرب الاسرائيلية على ايران لكن لا بد من استرجاع صورة النكسة بعد حرب العام ١٩٦٧.
تتقدم سوريا على "أجندة" الأولويات الدولية والعربية للمساعدة في حين يبدو لبنان يدور في حلقة مفرغة.
انضم جنوب لبنان الى مناطق عالمية متوترة في العلاقة بين القوات الأممية والميلشيات والقبائل وفصائل الاسلام السياسي.
شنت مقاتلات حربية إسرائيلية سلسلة غارات عنيفة على أبنية في الضاحية الجنوبية لبيروت مستخدمة صواريخ ارتجاجية خارقة للتحصينات.
كشفت زيارة وزير الخارجية الايرانية عباس عراقجي عن تبدلات عميقة ترتسم في الافق الاقليمي ضمنه لبنان.
لا تزال زيارة وزير الخارجية الايرانية عباس عراقجي الى لبنان محور المتابعة خصوصا لجهة المواقف التي صدرت عنه.
بدأت تتصاعد الأصوات التي تحذّر من تقديم سوريا في أجندة المساعدات العربية على حساب لبنان المهمّش.