Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


تسوية ناغورني قره باخ: الممرات الدولية خارج الأراضي الايرانية

لفت استعادة اذربيجان سريعا، في يوم واحد، إقليم ناغورني قره باخ وانطلاق تسوية مع الجانب الأرمني.

الجمعة ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٣

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

سارع الانفصاليون الارمن في اقليم ناغورني قره باخ الى تسليم أسلحتهم في اطار تسوية دمج أرمن الاقليم في اذربيجان، في مؤشر الى اتفاق ما أبرم وراء الكواليس بوساطة أو موافقة دولية وإقليمية أفضت لهذا التغيير الحاسم في هذا الصراع المرير الذي بدأ قبل أكثر من ثلاثة عقود.

ومع عجزهم عن الصمود في وجه الهجوم الأذربيجاني الجديد، استسلم الانفصاليون الارمن الذين سبق أن أعلنوا دولة غير معترف بها عالمياً حتى من قبل أرمينيا ووافقوا على نزع سلاحها بالكامل وحل قواتهم مقابل وقف إطلاق النار، وقبلوا بعقد مفاوضات حول القضايا المتعلقة بـ "إعادة دمج" ناغورني قره باخ وسكانه الأرمن الذين يقدر عددهم بـ120 ألفاً في أذربيجان.

وأعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، أن بلاده استعادت سيادتها بعد عمليتها ضد الإرهاب في إقليم ناغورنو قره باخ خلال يوم واحد، وطمأن الأرمن كمواطنين، وألمح إلى رغبته في فتح صفحة جديدة مع الأرمن في ظل تخوف عام من التطهير العرقي.

تسويات الممرات الى أوروبا:

 وخلال الأشهر الماضية بدا أن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان يميل لإبرام تسوية مع أذربيجان وحليفتها الأقرب لتركيا، ولمح إلى إمكانية موافقة بلاده على فتح ممر زنغزور للربط بين أراضي أذربيجان الرئيسية وإقليم ناختشيفان الأذري، المتمتع بالحكم الذاتي التابع لها، والمفصول عنها بالأراضي الأرمينية، ثم عاد وحاول المماطلة، في مؤشر على أنه يريد تسوية ولكن يخشى المتطرفين الأرمن.

وفتح ممر زنغزور هو من ضمن بنود الاتفاق بين البلدين الذي أُبرم بوساطة روسية لإنهاء حرب عام 2020، ولكنْ هناك اختلاف على تفسير طبيعة الممر، وتلحّ باكو وأنقرة لفتح هذا الممر الذي سيوفر فرصةً للربط المباشر ليس فقط بين أذربيجان وأراضيها في إقليم ناختشيفان الأذري، بل يربط بشكل مباشر بين تركيا وأذربيجان، ومنها إلى آسيا الوسطى عبر بحر قزوين، أي أنه يفتح الباب لتنفيذ ما يُعرف بالممر الأوسط، الذي يربط بين آسيا، بما في ذلك الصين، وبين أوروبا عبر تركيا والقوقاز، دون المرور بإيران في الجنوب، أو روسيا في الشمال، ويفتح الباب لتوسيع آفاق التجارة، خاصةً الغاز والنفط اللذين تحتاجهما أوروبا.

وحثّ الرئيس التركي خلال الأشهر الماضية خاصةً بعد التضامن الأرميني مع بلاده في مواجهة كارثة زلزال شباط 2023، على السلام مع أذربيجان، وما يتضمنه ذلك من تحسن في علاقات أنقرة ويريفان، وهو أمر مهم للأخيرة، التي سيؤدي فتحه بينها وبين تركيا إلى تحسين اتصالها مع أوروبا.

سلام القوقاز:قلوب الأوروبيين مع أرمينيا وعقولهم مع أذربيجان

وكان احتمال تجدد الحرب في القوقاز يمثل انتكاسة استراتيجية ودبلوماسية كبرى للاتحاد الأوروبي، الذي ظل يتودد إلى أذربيجان باعتبارها حليفاً ومورداً بديلاً للغاز لروسيا. قامت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بزيارة رسمية إلى أذربيجان، في تموز الماضي، في محاولة لتأمين زيادة صادرات الغاز الطبيعي. ووصفت البلاد بأنها "شريك موثوق وجدير بالثقة"، ووقَّعت هي والرئيس إلهام علييف مذكرةَ تفاهم بشأن زيادة التعاون الاقتصادي.

ويعلم الأوروبيون أنه من تجربة حرب 2020، أن أذربيجان في القرن الحادي والعشرين غير أذربيجان التسعينيات، التي هُزمت من قِبل أرمينيا المدعومة بأموال وأسلحة الجاليات الأرمينية الكبيرة في الغرب. ولكن اليوم أذربيجان دولة مستقرة (عكس أرمينيا)، عدد سكانها يعادل نحو ضعف سكان أرمينيا، ولديها إنتاج غزير من النفط والغاز، جعل ميزانيتها العسكرية تقارب إجمالي ميزانية يريفان، وهي مدعومة بالحليف التركي الذي يعتبر باكو شقيقته القومية الأقرب، وهو لديه صناعة أسلحة ذات كفاءة، وجيش محترف قادر على تقديم النصح والتدريب لنظيره الأذربيجاني كما ظهر في حرب 2020. بينما المسار التصعيدي سيجعل أرمينيا تقترب لإيران، خصم الغرب، في ظل ميل روسيا للحياد في الصراع بدلاً من انحيازها السابق ليريفان.

 وفي ظل تركيز الأمريكيين والغرب عامة على منافستهم مع إيران وروسيا، وتراجع المناكفات مع تركيا، بل حلت محلها مساحة كبيرة من التفاهم، فإن الأمريكيين والأوروبيين على السواء من مصلحتهم الوصول لتسوية معقولة في القوقاز، وهذه التسوية ترضي روسيا أيضا.

 بالنسبة لموسكو، رغم أن الاتفاق في القوقاز قد يفتح الباب لمزيد من صادرات الطاقة من أذربيجان وآسيا الوسطى لأوروبا تنافس صادراتها، ولكنه يظل اتفاقاً تم بوساطتها، ويحفظ مكانتها كعرّاب وراعٍ للمنطقة، حتى لو تزايد دور الغرب، كما أنه اتفاق يتم بالتنسيق مع تركيا، شريكها المهم الذي رفض فرض العقوبات عليها، بل عزّز علاقته الاقتصادية والسياسية معها رغم إدانته الواضحة للغزو الروسي لأوكرانيا.

اتفاق يشبه تسويات روسيا وتركيا في ليبيا وسوريا:

يشبه الاتفاق المحتمل في القوقاز تسويات جزئية تمت بين روسيا وتركيا في القوقاز، في عام 2020، وفي سوريا وليبيا، كانت فيها الدولتان تدعمان أطرافاً متصارعة، ثم سرعان ما يتم التوصل لاتفاقات جزئية تضمن نفوذ الطرفين، وتحقق استقراراً جزئياً على الأقل.

ولكن يبدو من الوضع الجديد في ناغورونو قره باغ أن التسوية المحتملة قد تكون أكثر عمقاً وديمومة، وأنها قد تفضي لترتيبات لحفاظ الأرمن على حقوقهم الثقافية والدينية في ناغورونو قره باغ مقابل استعادة باكو لسيادتها الكاملة عليه.

ومن الواضح أن التسوية المحتملة ستتم بوساطة روسية ودور تركي، وقد يكون هناك دور أمريكي وأوروبي غير معلن، ولكن اللافت فيها أنه يظهر منها أنها لن تسمح على الأرجح بدور خارجي كبير، يجعل من الإقليم دويلة داخل أذربيجان، وأن التركيز سيكون على منح الأرمن حقوقهم الدينية والثقافية، وقد يكون حكماً ذاتياً، ولكن دون وجود قوة عسكرية انفصالية غير خاضعة لسلطة باكو، عكس الوضع في مناطق مثل كردستان العراق أو كوسوفو أو البوسنة والهرسك، حيث تتمتع المجموعات الإثنية بوضعية مستقلة فعلياً داخل الدولة المركزية.

وقد تكون إيران أكبر خاسر من هذه التطورات، التي ستؤدي لصعود القومية الأذربيجانية العلمانية المتحالفة مع تركيا، مع دور أكبر لأنقرة التي ستتحسن علاقتها بأرمينيا، ودور أكبر للغرب، واحتمال انسياب التجارة العالمية عبر أذربيجان وأرمينيا إلى تركيا، ومنها لأوروبا، بعيداً عن أراضيها.

إن تمت هذه التسوية قد تكون تسوية نادرة تظهر أنه بالإمكان تسوية قضايا أكبر مثل الأزمة الأوكرانية. 


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :46491 الثلاثاء ٠٧ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :43268 الثلاثاء ٠٧ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :42818 الثلاثاء ٠٧ / يناير / ٢٠٢٤
معرض الصور