Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


في لحظة التقارب بين نكستين: الناصرية والخمينية

لم تتضح صورة ما ستؤول اليه الحرب الاسرائيلية على ايران لكن لا بد من استرجاع صورة النكسة بعد حرب العام ١٩٦٧.

السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

أنطوان سلامه- قد يصلح التشبيه أو المقارنة بين النكسة التي أصابت الناصرية بوجهها السني العروبيّ بالنكسة التي تحصل حاليا مع "الخمينية" الشيعية في الإقليم.

في العام ١٩٦٧ استطاعت إسرائيل، بما يفوق التوقع، أو الخيال، احتلال سيناء وقطاع غزة والضفة والجولان، في ستة أيام، فدمرت سبعين بالمئة من الترسانة العسكرية لدول الطوق وهجرت سكان مدن قناة السويس  والقنيطرة والضفة وفتحت بابا لم يُغلق حتى اليوم في تهويد الضفتين  في فلسطين المحتلة.

وأكثر ما أصابت إسرائيل في حرب الأيام الستة صورة الزعيم جمال عبدالناصر، أو الناصرية العابرة للحدود ، فتزعزعت مصر من الداخل قبل أن يُصاب المؤمنون بالناصرية "بنكسة وجدانية عميقة" لا تزال تتفاعل حتى اليوم في هذا الصراع المفتوح بين العروبة الحضارية المكسورة وبين تقدم "الإسلام السياسي" الذي فشل في التموضع في الفراغ الذي تركته النكسة في "الأمة" المنهارة.

ومع الفارق الزمني، وتبدّل الظروف والقامات، استطاعت إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى من إحداث زلزال شبيه بالنكسة،في تحطيم ما بنته الجمهورية الإسلامية الإيرانية لعقود ، في هلال شيعي بامتداداته في اليمن ومواقع أخرى، فتبعثر الهلال، بالمأساة التراجيدية الحاصلة في غزة، وبانهيار النظام السوري، وبتوجيه ضربات قاتلة لحزب الله.

وكما سقطت الناصرية في حرب ال٦٧، نشاهد اليوم تصدّع "الخمينية" بكل ما تحمله من أيديولوجية عابرة للحدود، صحيح، أنّه من المبكر الحديث عن مصير النظام الإيراني المرتكز على "ولاية الفقيه" وشعارات الجمهورية الإسلامية في "تدمير إسرائيل" بما يذكّر بخطابات ناصرية بدت بعد حرب الأيام الستة "كرتونية" حتى بنظر الناصريين ، وأثبتت الأيام أنّ "لاءات الخرطوم" المتمثلة بلا اعتراف ولاتفاوض ولا صلح مع "العدو الصهيوني" ما كانت الا محاولة عربية ببصمة ناصرية لمحو "آثار العدوان" وهي من حيث النتيجة شكلت المدخل الى اندفاع مصر الى توقيع  اتفاق سلام منفرد مع إسرائيل، وبعدها الأردن ودول في عمق الخليج العربي.

من المبكر الحديث عن نتائج الهجوم الإسرائيلي على ايران، لكنّ الواضح حتى الساعة، أنّ إسرائيل التي اعتمدت أسلوب "الغدر" أو المفاجأة الصاعقة" باللغة العسكرية، في حرب ال٦٧، أعادت التجربة مرة جديدة في العام ٢٠٢٥ مع ايران معتمدة على عنصرين:

-قدرتها على استثمار "العقل" في الميدان العسكري.

-وقدرتها على التزام مبدأ " اعرف عدوك" وهو عدو تعرف انه لا يقرأ، ولا يتعلّم من التجارب، والأدهى لا يجيد منطق القياس، لا لقوته الذاتية ولا لقوة من يحاربه .

استعملت إسرائيل في حرب الستة أيام "الضربة الاستباقية المباغتة"(surprise attack) والتي تجسّد "استراتيجية الغدر" فشنّت ضربة جوية مفاجئة صباحا دمرّت معظم سلاح الجو المصري وهو على الأرض، من دون أن تعلن إسرائيل الحرب بشكل واضح أو سابق.

هذه المرة، أرسلت اسرائيل إشارات عدة، ومتراكمة، عن استعدادها لتوجيه ضربة لإيران في سياق رفضها أن تمتلك طهران السلاح النووي، وقبل أن تكتشف ايران، شبكتها الاستخباراتية، وقواعدها المتقدمة في الداخل الإيراني وفي دول الجوار، وقبل انكشاف خطتها العسكرية ، وجهت ضربتها المباغتة للجمهورية الإسلامية في لحظة من الاسترخاء الإيراني  الذي يتزامن مع حرق أذرعها في الإقليم، وفي لحظة من التذاكي في التحليل عن أنّ مفاوضاتها مع الجانب الأميركي يعطيها مساحة من الأمان.

وفي الحالتين الناصرية والإيرانية الإسلامية ،حلّت النكسة ، صحيح أنّ عبد الناصر بقي في الحكم في الفترة الممتدة من العام ١٩٦٧ الى العام ١٩٧٠ حين توفي إثر تعرضه لنوبة قلبية، فإن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية سيستمر، ربما في الحكم، في أجواء ناصرية مستعادة في سلطة تفتقد الى القوة التي لا يمكن أن تؤمنها النكسة المتجددة مع تبدّل التسميات بين الناصرية والخمينية.

وبانتظار نتائج الحرب الإسرائيلية على ايران، لا بدّ من المقارنة بين حربين في الأمة ، واحدة اندلعت عام ١٩٦٧ وأخرى تجري الآن في سياق  مشابه.   

والسؤال المطروح، هل تستطيع ايران الخروج من دائرة الصدمة  في ظل التفوق العسكري الاسرائيلي ؟

لا شك أنّ الجمهورية الاسلامية تجاهد في تحويل الحرب الى تبادل في ضرب الأعماق بالرد الصاروخي على تل أبيب لتغيير المشهد الذي تكوّن بداية في أنّ بناها الأمنية الاستراتيجية في حالة انهيار مع تنامي الهجوم  الاسرائيلي المتدحرج؟

ويبقى أنّ الضربة الاسرائيلية الأولى لا يمكن أن تُنتسى وتُمحى بسهولة من قاموس التاريخ، وما يهمنا لبنانياً، أن يكون الاستنفار العسكري الاسرائيلي على حدود لبنان وسوريا مجرد تدبير احتياطي يرتكز على التوجس فقط لا على معلومات تنطلق من تجربة فتح "جبهة مساندة" في خطأ يتكرّر. 

 

 

 

 

 


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :56019 الأحد ١٥ / يناير / ٢٠٢٥
مشاهدة :53015 الأحد ١٥ / يونيو / ٢٠٢٥
مشاهدة :52143 الأحد ١٥ / يناير / ٢٠٢٥
معرض الصور