استهداف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة، كعمل إرهابي، يحمل انعكاسات سياسية واجتماعية وأمنية عميقة على المسيحيين في سوريا ولبنان.
الخميس ٢٦ يونيو ٢٠٢٥
المحرر السياسي- تزامن الهجوم الإرهابي الواضح على كنيسة دمشق ،بخلفية تعصبية وتاريخية،مع صياغة دستور جديد في سوريا، ومع عودة النقاش حول التطبيق الكامل لاتفاق الطائف يطرحه دوما نواف سلام ابن البيئة السنية، والغاء الطائفية السياسية في لبنان يطرحه الرئيس نبيه بري القائد السياسي والعسكري الشيعي. فما هي الانعكاسات على ما تبقى من مسيحيين في لبنان وسوريا؟ على مسيحيي سوريا: القلق على الوجود والأمان يعمّق الهجوم الإرهابي مخاوف المسيحيين السوريين من استهداف وجودهم كأقلية دينية، خصوصًا بعد ما شهدوه خلال الحرب من تهجير واستهداف من قبل تنظيمات متطرفة مثل "داعش" و"جبهة النصرة". يشكل الهجوم على الكنيسة رسالة تهديد ضمنية في مرحلة انتقالية حساسة، خصوصا مع عودة الحديث عن إعادة الإعمار ودستور جديد يُفترض أن يعزز المواطنة في وقت أنّ "بروفايل" الرئيس أحمد الشرع لا يوحي بالاستقلالية والحياد نتيجة مسيرته . قد يؤدي الحادث الارهابي إلى تصاعد مطالب الطوائف المسيحية بضمانات دستورية واضحة حول الحريات الدينية والتمثيل السياسي، وربما المطالبة بـ"حقوق مكوّن" بدل الاكتفاء بالمواطنة الفردية. قد يُستخدم الهجوم كورقة ضغط للمطالبة بإبقاء أو ترسيخ الطابع العلماني في الدولة السورية، خشية من سيطرة قوى الإسلام السياسي مستقبلًا. على مسيحيي لبنان: انعكاسات طائفية وتحفيز الخطاب المذهبي في ظل تجدد النقاش حول إلغاء الطائفية السياسية في لبنان، قد يُستثمر الحدث الارهابي من قبل القوى المسيحية اللبنانية (مثل التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية والكتائب وحتى المردة ) لإثارة المخاوف من "تهميش المسيحيين" في الأنظمة التعددية. يُخشى من أن يؤدي إلى تعزيز الخطاب المسيحي الذي يربط الأمن السياسي للمسيحيين بوجود نظام ولو طائفي يضمن الحصة والتمثيل، بدل المضي نحو دولة مغلّفة بالمدنية وفي الواقع ترمي الى تهميش المسيحيين في صناعة القرار الوطني . قد يُستخدم الهجوم الإرهابي في دمشق لتقوية سردية "تحالف الأقليات" كحماية ضد التطرف السني، خصوصًا لدى بعض النخب المسيحية المشرقية التي تنظر بريبة إلى التغييرات الديموغرافية والسياسية في المنطقة. وبعيدا عن هذا السياق المسيحي ، لا يمكن القفز فوق واقع تاريخي ، قديم وحديث، يجعل من التخوف مشروعاً من مطالبة نواف سلام بتطبيق اتفاق الطائف، ومطالبة نبيه بري بإلغاء الطائفية السياسية، ضمن السياق التاريخي للطائفية اللبنانية، إذ تعبّر كلٌّ من هاتين الدعوتين، على الرغم من تناقض ظاهري، عن تموضع سياسي وطائفي متمايز في لحظة انتقالية حرجة من النظام اللبناني، قد تكون فيها موازين القوى مهيّأة لإعادة صياغة "العقد الوطني". من يقرأ مؤلفات نواف سلام لن يتجاهل خلفيته السنية الواضحة في مقاربة النظام مهما حاول "التجميل" بمبالغات مدنيته، وتكفي الإشارة الى أنّ الرئيس نبيه بري ، في رسائله الرسمية التي تصدر عن موقعه من ساحة النجمة لا تخبئ "اللغة الإسلامية" التي يصوغ بها هذه الرسائل الرسمية. وإذا كان بعض المغالين في تطبيق اتفاق الطائف (1989) يطمئنون بأنّه لم يُلغِ الطائفية السياسية، بل أعاد توزيع السلطة فيها من توازن ماروني–سني إلى توازن سني–شيعي–ماروني، وأدخل تعديلات إجرائية على صلاحيات رئيس الجمهورية (الماروني)، مقابل تعزيز موقع رئاسة الحكومة (السنيّة)مع انه بالممارسة ثبت أنّ " الشيعية السياسية" هي التي قطفت ثمار "الطائف" بتقية واضحة وعلى مراحل. نصّ "الطائف" على "إلغاء الطائفية السياسية" كهدف بعيد، لكنه أبقى الطائفية الإدارية والسياسية والشخصية قائمة بانتظار "الظروف الملائمة"، فهل أتت الظروف الملائمة فعلا في ظل التحولات في دمشق لصالح الإسلام السياسي أو في ظل تنامي القوى الإسلامية اللبنانية، السنية والشيعية، من حزب الله الى الجماعة الإسلامية؟ يطالب نواف سلام، ابن بيئة سنيّة مدينية ونخبة بيروتية، بتطبيق الطائف لأنه يرى أن توازناته (قبل تحويرها بالممارسة) تعطي السنّة دورًا محوريًا كرئاسة حكومة قوية ومجلس وزراء متماسك. في خلفية هذا الخطاب: رفض الواقع الراهن حيث تُختزل السلطة أحيانًا بـ"تحالف شيعي–ماروني" (حزب الله–التيار الوطني)، وتُعطّل المؤسسات باسم "الميثاقية" خارج النصوص الطائفية الواضحة في الطائف. إذًا، العودة إلى الطائف عند سلام، هي عمليًا مطالبة بإعادة التوازن لمصلحة السنّة بعد تقويضه بفعل الممارسة السياسية وتحولات ما بعد 2005. رئيس مجلس النواب (الشيعي)، ومهندس النظام كما يُمارَس اليوم، يدعو منذ عقود إلى "إلغاء الطائفية السياسية"، لكنه يقترح أولًا إنشاء "هيئة وطنية" تضع تصورًا لهذه الإلغاء، وهي لم تُنشأ حتى اليوم. هذه الدعوة قد تُقرأ، لا كتحرر من النظام الطائفي، بل كتمهيد لـ"نظام مدني بغلبة ديموغرافية–سياسية شيعية–سنيّة" بعد تراجع الوزن المسيحي العددي والسياسي. إلغاء الطائفية السياسية في ظل غلبة شيعية وسنية، ووجود سلاح خارج الدولة، لا يعني الدولة المدنية بل "نهاية الدور المسيحي المؤسس للنظام اللبناني" وفق قراءة كثير من المسيحيين. ماذا يعني ذلك اليوم؟ في ظل تطورات مثل استهداف كنائس في سوريا،وتراجع الوجود المسيحي المشرقي،وتحولات ديموغرافية في لبنان (هجرة مسيحية، تزايد الوزن الشيعي والسني)،وتصدع المحور المسيحي داخل لبنان،فإن المطالبات الظاهرة بالإصلاح (تطبيق الطائف أو إلغاؤه) تُخفي مشروعين مختلفين: مشروع سني مدني شكليًا يريد إعادة التوازن ضد التحالف الشيعي–المسيحي. مشروع شيعي ما بعد طائفي يريد تثبيت الغلبة ضمن نظام مدني-عددي لا يراعي الحصص التاريخية. أما المسيحيون، فباتوا في موقع دفاعي، يخشون "المدنية العددية" التي تُقصيهم تحت عنوان الإصلاح في وقت يمكن الجزم أنّ دعوات نواف سلام ونبيه بري لا ترتقي الى "مستوى العلمانية" الشاملة التي كان البطريرك الماروني انطونيوس خريش يفضلها على الغاء الطائفية المجتزأة. في الخلاصة، ليست دعوتا نواف سلام ونبيه بري مجرد مواقف قانونية أو إدارية، بل تعبير عن صراع على طبيعة الدولة المقبلة:هل هي دولة "تعددية متوازنة" (الطائف) أم "دولة مدنية بغلبة الأكثرية"؟ وفي الحالتين، يكشف المشهد أن التحوّل في ميزان القوى الطائفي — خصوصا ضعف الدور المسيحي — هو المحرّك الأساسي لهذه الدعوات المتعارضة، التي تلتقي في شيء واحد: نهاية الصيغة القديمة، وبداية نقاش مؤجل حول صيغة جديدة قد لا يكون للمسيحيين فيها دور المرجّح بل المُرجّى أي الذي يستعطي موقعه.
على هامش التسابق الى اعلان الانتصارات في المواجهة الاسرائيلية الايرانية يمكن الجزم بأنّ لبنان سجل انتصارا بتحييد نفسه.
تصاعدت التساؤلات بشأن موقع حزب الله بعد الزلزال الإقليمي فهل انتقل من الهجوم الى الدفاع المنكفئ؟
بدأت تطرح أسئلة كبرى بعد اعلان وقف اطلاق النار في الاقليم، من الرابح والخاسر، والاقليم الى أين في ظل موازين قوى جديد.
فرضت الضربة الاميركية على المفاعلات النووية الايرانية موازين قوى جديدة في الاقليم والعالم.
ضربت القوات الأميركية ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، وحذر الرئيس ترامب من هجمات أعنف إن لم توافق طهران على السلام.
اندفع حزب الله في الساعات الماضية باتخاذ مواقف من المواجهة الاسرائيلية الايرانية بعكس توجهات السلطة اللبنانية.
تتقدم المواجهة المفتوحة بين ايران واسرائيل الى مربعات جديدة والعالم يترقب.
لم تتضح صورة ما ستؤول اليه الحرب الاسرائيلية على ايران لكن لا بد من استرجاع صورة النكسة بعد حرب العام ١٩٦٧.
تتقدم سوريا على "أجندة" الأولويات الدولية والعربية للمساعدة في حين يبدو لبنان يدور في حلقة مفرغة.
انضم جنوب لبنان الى مناطق عالمية متوترة في العلاقة بين القوات الأممية والميلشيات والقبائل وفصائل الاسلام السياسي.