Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


رسائل رجي وعراقجي المشفّرة بين النار الاسرائيلية وحصرية السلاح

تقاطعت الرسائل بين بيروت وطهران في لحظة إقليمية حساسة، بين اعتذار لبناني عن زيارة طهران وقبول إيراني سريع للحوار في بيروت.

الجمعة ١٢ ديسمبر ٢٠٢٥

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

المحرر السياسي- تشير المستجدات الأخيرة في العلاقات اللبنانية – الإيرانية إلى مرحلة جديدة من"إعادة ضبط" دبلوماسية بين الطرفين، بعدما أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي فجأة أنه سيزور بيروت تلبية لدعوة رسمية من نظيره اللبناني يوسف رجي، رغم أنّ الأخير كان قد اعتذر قبل يوم واحد عن زيارة طهران بحجة "الظروف الحالية".

لا يمكن حصر الموقف اللبناني فقط في إطار أنّ موقف رجي يعكس خلفية " قواتية" ففي هذا التوصيف تسطيح لا يعبّرعن واقع التبدلات اللبنانية في سياق التجاذبات الإقليمية من بغداد الى بيروت.

اعتذار لبناني… ودعوة معاكسة

رفضُ رجي السفر إلى طهران لم يمر مرور الكرام في طهران. فوزير الخارجية اللبناني استند إلى الظروف الراهنة، وهي صيغة لبنانية مألوفة تعكس مزيجاً من الحساسيات الداخلية والتوازنات الإقليمية.

لبنان اليوم عالق في صلب تجاذب دولي وإقليمي بشأن ملف الحرب والحدود جنوباً، وفي لحظة تُطرح فيها أسئلة كبيرة بشأن سلاح حزب الله ودوره في المعادلة الدفاعية. لكن رجي حرص على التأكيد بأن عدم السفر لا يعني قطع الحوار مع إيران، بل دعا عراقجي رسميًا إلى بيروت، في خطوة تحمل رسائل مزدوجة: الانفتاح على التواصل، ولكن من موقع يراعي حساسية الداخل اللبناني، ولا سيما القوى الساعية إلى إعادة التوازن في سياسة لبنان الخارجية.

ردّ إيراني بعبارات دبلوماسية… وملاحظات حادة

عراقجي رحّب بالدعوة، لكنه وصف موقف نظيره اللبناني بأنه "محيّر"، مشدداً على أن الدول ذات العلاقات الدبلوماسية الكاملة لا تحتاج إلى أرض محايدة للحوار. وهو بذلك وضع إصبعه على جوهر المعضلة: لبنان يريد علاقة طبيعية مع طهران ولكن من دون إثارة حساسيات الغرب والخليج، ومن دون أن يُتهم بالانحياز. ومع أنّ عراقجي أبدى "تفهمًا" لواقع لبنان الأمني في ظل"الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكات وقف إطلاق النار"، إلا أن ملاحظته حول عدم حاجة وزيرين من دولتين صديقتين إلى مكان ثالث، تحمل نقدًا مبطناً للارتباك اللبناني الداخلي.

سيادة الدولة… الرسالة اللبنانية الأبرز

 اللافت أنّ وزير الخارجية اللبناني قرن انفتاحه على إيران بتأكيد مبادئ ثلاثة: الاحترام المتبادل – السيادة – عدم التدخل. ثم ذهب أبعد باتجاه الملف الأكثر حساسية حين ربط بناء الدولة بحق الحكومة الحصري في حمل السلاح، في إشارة مباشرة إلى سلاح حزب الله.

هذا التصريح يشكل انعطافة لافتة في لغة الدبلوماسية اللبنانية تجاه طهران، إذ يجري لأول مرة وضع العلاقة الثنائية في سياق شرط سيادي، يعكس المزاج اللبناني والدولي الذي يضغط باتجاه إعادة تنظيم العلاقة بين الدولة والحزب.

من خلفيات الخطوة إلى توقيتها

توقيت هذا التفاعل الدبلوماسي ليس منعزلاً عن ثلاثة سياقات أساسية: التفاوض بين لبنان وإسرائيل بعد حرب المساندة، حيث تلعب القوى الدولية دوراً في إعادة رسم خطوط التهدئة والضمانات.

الاستحقاقات اللبنانية الداخلية، وأبرزها البحث في ترتيبات ما بعد الحرب نحو مقاربة جديدة للأمن القومي.

الصراع داخل الحكومة اللبنانية بين من يريد علاقات متوازنة مع محور الغرب والخليج ومن يتمسك بصلاته مع طهران، وبالتالي، فإن خطوة رجي قد تكون محاولة لإعادة تموضع دبلوماسي يمنح الدولة اللبنانية مساحة تحرك أوسع، ويسحب الذريعة من أيدي من يتهم الخارجية بالتماهي مع محور دون آخر.

هل نحن أمام بداية مسار جديد؟

إعلان لبنان"الاستعداد لمرحلة جديدة تقوم على السيادة" ليس تفصيلاً، وإيران، برغم رسائل التململ، وافقت على اختبار هذا المسار عبر قبول زيارة بيروت.

الأسئلة الآن هي: هل ستُترجم هذه اللقاءات إلى تفاهم على تخفيف التوتر جنوبًا؟

هل يمكن أن تفتح الباب أمام نقاش جدي حول تنظيم العلاقة بين الدولة وحزب الله؟ أم أن ما جرى لا يتجاوز حدود المناورة الدبلوماسية؟

 بين اعتذار رجي وقبول عراقجي، تظهر معادلة جديدة: إيران تريد مواصلة الإمساك بخيط العلاقة مع بيروت، ولبنان يريد ضبط هذه العلاقة ضمن سقف السيادة.

الزيارة المرتقبة إلى بيروت ستكون اختباراً لمدى قدرة الطرفين على صياغة توازن جديد… في لحظة هي الأكثر حساسية منذ سنوات. 


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :56863 الجمعة ١٢ / يناير / ٢٠٢٥
مشاهدة :53922 الجمعة ١٢ / يونيو / ٢٠٢٥
مشاهدة :52966 الجمعة ١٢ / يناير / ٢٠٢٥