خطاب نصرالله هو الأصعب في تاريخ حزب الله
ينتظر اللبنانيون اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لما ستحمله من خيارات مفصلية خطيرة.
الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
المحرر السياسي- الكلمة المنتظرة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله هي من أصعب الكلمات التي سيكتبها نصرالله البليغ والجذاب وساحر الجماهير.
لن ينتظر منه اللبنانيون خطابا تقليديا على الطريقة السابقة من التهديدات واستعراض القوة وتصوير العدو وكأنّه سيسقط سريعا.
المعادلة بسيطة : إما أن يكون الخطاب جديداً جريئا فيه نقدٌ ذاتي يرتقي الى مستوى الخسائر المعنوية والبشرية التي تكبدها الحزب في الساعات الماضية وإما أن يخسر نصرالله مزيداً من تراجع سطوة اطلالاته منذ حراك ١٧ تشرين الى عملية طوفان الأقصى وبعدها.
قبل تحديد الردّ الحزبي ومستواه هناك أسئلة تُطرح وتنتظر إجابة، أبرزها هل حققت حرب المساندة أهدافها؟
لا يمكن أن يتكلّم نصرالله الى جمهوره واللبنانيين بلغة أثبتت الأيام والتطورات أنّ شيئا خطيرا يحصل على الأراضي اللبنانية.
لا ينفع الاسترسال بوصف الوحشية الإسرائيلية، والتواطؤ الأميركي والدولي، فهذا واضح.
ما يريد أن يسمعه جمهور المقاومة الإسلامية في لبنان واللبنانيون الذين يعارض معظمهم الحرب أن يقول نصرالله جديدا يساوي الجديد الصادم الذي طرأ.
ما حصل في موجتي الخرق الإسرائيلي يوضح أنّ اللعبة العسكرية تبدلت، وأنّ قوة الردع في محور المقاومة الممتد من طهران الى بيروت تراجعت منظومتها وترهلت.
على الأمين العام الذي أخذ لبنان الى خيارات لا يريدها، أن يوضح الكثير من الالتباسات التي حصلت في المحور، من الموقف الإيراني المتردد والضبابي، الى الحسابات العراقية المتضاربة بين مصلحة الحكومة واندفاعة الفصائل، والى غياب النظام السوري عن أي تفاعل عسكري برغم تلقيه الضربات الإسرائيلية.
أيّ اعلان ردّ لنصرالله خارج إطار "وحدة الساحات" يكون كمن يهرب الى الأمام.
على نصرالله أن يُجيب عن السؤال الجوهري: هل يريد الحزب الحرب الواسعة ، أو ماذا يريد؟
هل الحرب التي يشنّها على اسرائيل هي الحرب من أجل الحرب أم لها أهدافها بعدما سقطت مقولة " المساندة والمشاغلة".
هل سيحاسب نصرالله مسببي الاخفاقات الرهيبة التي تحصل الآن بالقوة عينها التي يحاكم فيها ويشيطن ويخوّن من يعارض أداءه وحروبه المتتالية في الداخل وعلى الحدود وما وراءها من جبهات.
كلمة نصرالله هي الفصل بين تلقي الضربات وبين استعادة التوازن في الردع وهذا لا يتم الا بتوضيح الدور الإيراني طالما أنّ نصرالله يعتز دوما بالمظلة الإيرانية.
نجح التحالف بين حزب الله وايران في حرب ٢٠٠٦ فاعترفت إسرائيل بإخفاقاتها العسكرية والأمنية في الجنوب ويبدو أنّها عالجت إخفاقاتها واندفعت في بطشها وتوحشها من خلال تعزيز قدراتها العسكرية في لعبة جديدة من التكنولوجيات المتطورة.
خطورة كلمة نصرالله أن تبقى الهوة فيها واسعة بين القول والفعل.
حتى هذه الساعة لا توحي إسرائيل بالاجتياح البري ، تتجه الى احتلال لبنان واقليمه، جواً.
من الواضح أنّ الجيش الإسرائيلي يمتلك المبادرة في إحداث الصدمات والمفاجآت والغدر، من اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران الى الهجمات الالكترونية في صلب المنظومة العسكرية والأمنية واللوجستية للحزب.
بالتأكيد ينتظر اللبنانيون كلمة غير تقليدية في حرب غير تقليدية.
ينتظر اللبنانيون واقعية قصوى في حرب فُرضت عليهم.
يطالبون نصرالله أن يساويهم مع سكان طهران والضفة الغربية لا أن يحدّد مصيرهم كما حددتها سابقا قيادة حركة حماس في غزة.
الجرأة مطلوبة والواقعية أيضا.
بالفعل ماذا سيقول نصرالله لمعظم اللبنانيين الذين يعارضون حربه "لمساندة" وصفها علناً قادة فلسطينيون واسلاميون أنّها غير كافية؟
على نصرالله أن يُقنع اللبنانيين بحربه، فهم من يدفع الثمن.
