لبنان في مواجهة الاضطرابات السورية:الاحتمالات المُقلقة
تتواصل الاضطرابات العنيفة في سورية ويتخوف اللبنانيون من تأثيرها على لبنان.
الإثنين ١٠ مارس ٢٠٢٥
نتاليا أوهانيان- مع تطور الحوادث في سوريا، تُطرح سيناريوهات محتملة يعيش لبنان تحت وطأة تداعياتها المباشرة وغير المباشرة، وذلك نتيجة الارتباط الجيوسياسي والتاريخي بين البلدين. تستمر الاشتباكات العنيفة في مناطق الساحل السوري، لا سيما في مدن اللاذقية وطرطوس وجبلة، منذ ليل الخميس الماضي بين الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع ومع من وصفتهم بـ"فلول نظام الأسد" أي أنصار الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ذات الغالبية من الطائفة العلوية، وذلك بعد 3 أشهر من سقوط النظام. الوضع الحالي في سوريا ارتفع عدد قتلى المدنيين العلويين على يد قوات الأمن السورية ومجموعات رديفة لها إلى 830، وفق ما أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وأورد المرصد الأحد أن "الحصيلة الإجمالية تبلغ 1311 قتيلًا على الأقل، بينهم 231 عنصرًا من قوات الأمن و250 من المسلحين الموالين للأسد. وترافق التصعيد العسكري مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية، حيث توقفت الكهرباء والمياه عن مناطق واسعة في ريف اللاذقية، مما أدى إلى تعطل شبكات الاتصال وإغلاق الأسواق والمخابز، في وقت يعاني فيه الأهالي من نقص حاد في المواد الغذائية والخدمات الأساسية. وأعلن متحدث باسم وزارة الدفاع السورية، بدء تنفيذ المرحلة الثانية من العملية العسكرية لملاحقة الجماعات المسلحة الموالية للنظام السابق في منطقة الساحل. وقال المتحدث إن "هذه المرحلة تهدف إلى ملاحقة الجماعات المسلحة في الأرياف والجبال بعد استعادة الأمن في مدن الساحل"./ ويجدر بالذكر ان الأحداث قد بدأت عندما قتل مسلحون علويون معارضون للسلطة الحالية عناصر من قوى الأمن العام، ما استدعى إرسال تعزيزات نحو المنطقة ووقوع اشتباكات بين الطرفين. وتطورت الأحداث لاحقًا لتشمل سرقات وتخريبًا عشوائيًّا واستهدافًا للمدنيين على أساس طائفي. ولم يسلم المسيحيون من هذه الأحداث وإن لم يُستهدفوا بسبب ديانتهم، فدفع بعضهم حياته ثمنًا لوجوده في تلك المنطقة. الشرع: تحديات متوقعة دعا الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في كلمة ألقاها في جامع الأكرم بمنطقة المزة في دمشق الأحد خلال صلاة الفجر، إلى المحافظة على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي. وقال: "ما يحصل الآن في سوريا تحديات متوقعة"، داعيًا المواطنين الى الاطمئنان على البلد لأنه يمتلك مقومات كثيرة. وأضاف الشرع: "قادرون على العيش معًا في هذا البلد"، قائلًا: "ما دامت الثورة خرجت من هذه المساجد فلا خوف على سوريا"./ وأصدرت الرئاسة السورية في وقت لاحق قرارًا بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، على أن ترفع تقريرها إلى الرئاسة في مدة أقصاها 30 يومًا. تجدد النزوح إلى لبنان على وقع الاشتباكات الدامية في الساحل السوري، تشهد الحدود الشمالية للبنان موجة نزوح واسعة، وتحديدًا منطقتَي عكار وطرابلس، حيث يصل الآلاف من الأشخاص والعائلات عبر الحدود غير الشرعية في شمال لبنان بعدما قصفت إسرائيل المعابر الثلاثة الشرعية، لتكون الأراضي اللبنانية من جديد على موعد مع موجة نزوح سوري، ولكن هذه المرة لموالي نظام الأسد لا لمعارضيه. / وبالتالي، يخشى اللبنانيون من تصاعد وتيرة النزوح مجددًا، خاصةً أن لبنان يعاني من عبء ملف النازجين السوريين في مئات المخيمات التي لا زالت قائمة منذ الأزمة السورية عام 2011. لبنان أمام تحديات كبيرة في وقت يشهد فيه لبنان تحديات كبيرة منها نزع سلاح "حزب الله"، الذي ارتبطت استراتيجيته العسكرية والسياسية بسوريا والنظام السابق المدعوم من إيران، كما تنفيذ القرار 1701 بعد الحرب الأخيرة بين الحزب وإسرائيل وتأمين الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من الجنوب، تأتي الاشتباكات في سوريا لتزيد من وتيرة المخاوف اللبنانية إلى جانب الملفات العالقة أساسًا بين البلدين منها ملف النازجين السوريين وترسيم الحدود البرية والبحرية. هناك عدة سيناريوهات محتملة في سوريا قد تُغيّر وجه المنطقة، ولكل منها تأثير خطير على لبنان. أولًا تقسيم سوريا طائفيًا ومناطقيًا، وهو ما سيتسبب إلى انتقال التوتر الأمني والطائفي إلى المجتمع السوري النازح في لبنان. أما السيناريو الثاني فيتمثل في استفادة إسرائيل من عدم الاستقرار في سوريا لتنفيذ طموحها والسيطرة على المناطق السورية الحدودية، لا سيما الدرزية مثل محافظة السويداء، ما قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة في التوازنات الإقليمية، وهذا ما أكده وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال اجتماع خماسي لدول جوار سوريا في الأردن بمشاركة تركيا وسوريا والعراق ولبنان أن "إسرائيل تحاول خلق حالة من الفوضى وذرائع لتحقيق أهدافها بالمنطقة"، مضيفًا ان "أمن سوريا واستقرارها جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة".
