تواصل قيادات حزب الله معارضتها القرار الحكومي بحصرية السلاح بيد الدولة وترفض تسليمه الى الجيش اللبناني.
السبت ٢٣ أغسطس ٢٠٢٥
أنطوان سلامه -يختزن تاريخ لبنان الحديث، منذ اندلاع الحرب الأهلية، شواهد كثيرة تؤكد أنّ السلاح يعلو على القيادة، إذ يرتبط السلاح بالمشروع السياسي والوجودي ككل، بينما يمكن للقيادات أن تُغتال أو تُغيَّب من دون أن يتوقف المسار السياسي برمّته. في هذا السياق، يُدرك حزب الله تمامًا هذه المعادلة، فيتمسك بسلاحه، مهما تبدلت مهماته بعد خسارته حربه مع إسرائيل. فالتخلي عن السلاح بالنسبة إليه لا يعني التخلي عن أداة عسكرية وحسب، بل يعني تسليم مشروعه المتكامل عقائدياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً ومالياً، بل يعني أيضًا التنازل عن هويته ورايته التي ارتبطت بالبندقية ارتباطاً عضوياً. لقد خبر الحزب تجربة تاريخية قريبة: أنهى خروج البندقية الفلسطينية من بيروت عام 1982 المشروع الفلسطيني العسكري والسياسي في لبنان. فتنفيذ اتفاق "إجلاء" المقاتلين الفلسطينيين، على دفعات عبر مرفأ بيروت وبحماية القوة المتعددة الجنسيات، كان الحدث المفصلي، لا مغادرة ياسر عرفات شخصياً على متن سفينة "أتلانتيك" اليونانية وسط ضجة إعلامية وسياسية استثنائية. فخروج المقاتلين مهّد لانتهاء عصر عرفات كحاكم في لبنان، وأدى انتقاله إلى تونس إلى تحوّله تدريجياً من قائد للفدائيين إلى راعٍ لمفاوضات السلام مع إسرائيل. ويستحضر الحزب أيضاً تجربة القوات اللبنانية: فاغتيال بشير الجميّل لم يُنهِ مشروعها السياسي، إذ استمرت القيادات وتكرّست، بعد انتفاضات، زعامة سمير جعجع. أمّا التحول الجذري فكان مع تسليم القوات سلاحها في ربيع وصيف 1990، حيث تبدّل مشروعها من ميليشيا تحمل مشروعاً فدرالياً إلى حزب سياسي منخرط في اتفاق الطائف بصيغته اللامركزية. خسرت القوات سيطرتها على المنطقة الشرقية لا بحرب الإلغاء وحدها ولا بدخول الجيش السوري إلى القصر الجمهوري ووزارة الدفاع، بل أساساً بفعل التخلي عن السلاح، حتى وإن اتهمها خصومها بالاحتفاظ بسلاح فردي محدود الطابع. الأمر نفسه انسحب على قوى أخرى: الحزب التقدمي الاشتراكي واصل طريقه بعد اغتيال كمال جنبلاط، لكنه غيّر وجهته مع تسليم السلاح بعد الطائف وتخلى عن "الإدارة المدنية" لينخرط في مشروع الدولة. حركة "المرابطون" انتهت فعلياً لا بعزل قياداتها، بل بتجريدها من السلاح. غُيّب الامام موسى الصدر وبقي المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى وحركة أمل. دار الفتوى استمرت بعد اغتيال المفتي حسن خالد، مؤكدة أن المؤسسة لا تنهار باغتيال رأسها. حتى حركة حماس، رغم خوضها حرب الإلغاء الأقسى وتصفية قادتها التاريخيين (إسماعيل هنية، صالح العاروري، يحيى السنوار، محمد الضيف)، لا تزال تحافظ على حضور سياسي وعسكري فاعل في قطاع غزة. انطلاقاً من ذلك، يرى حزب الله أنّ السلاح بالنسبة إليه هو جوهر الوجود، فيُضفي عليه قدسية تفوق قدسية القادة أنفسهم. فخطابه الراهن لا ينطلق من الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي مني بها، بل من معادلة واحدة: التمسك بالسلاح. لذلك يتعامل مع قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بحصرية السلاح وكأنها مفصل تاريخي، لكنه يغفل أن جوهر هذه القرارات يتصل بحصرية قرار الحرب والسلم. فالحزب، بقراره المنفرد في فتح جبهة الجنوب وإشراك لبنان بأكمله في حرب مساندة لحليفيه "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وضع البلاد في موقع بالغ الحرج. ومع ذلك، يصرّ على أنّ معركته الراهنة ليست ضد إسرائيل فحسب، بل دفاع عن الذات التي لا تنفصل عن السلاح. من المفارقات، أنّ ردّ حزب الله العسكري على اغتيال إسرائيل القائد التاريخي والاستثنائي السيد حسن نصرالله لم يكن بمستوى الحدث، فاقتصر على قصف شمال اسرائيل وعمقها باستخدام عشرات الصواريخ في حين كانت التوقعات بأن يكون أكثر شراسة من أيّ فعل عسكري سابق للحزب. والملاحظ أنّ الرد لم يكن فوريا، بل بعد يوم من الاغتيال، فجاء مدروسا لحسابات تتعلّق بعدم توسيع الحرب في دائرة أكبر تمتد من الناقورة الى طهران.
تتداخل العوامل السلبية في صناعة الحالة اللبنانية المتشعبة في انهياراتها وابتكاراتها في البقاء.
تتكثّف الإشارات عن تبدّل عميق في مقاربة واشنطن للملف اللبناني، فيما تتقاذف القوى السياسية الاتهامات بتسميم صورة خصومها في العاصمة الأميركية.
ينطلق الأستاذ جوزيف أبي ضاهر من ثقافة كمال جنبلاط كسياسي -أنموذج ليقارن بينه وبين سياسيي هذا الزمن.
في لحظة إقليمية مكتظة بالتغيّرات بعد «طوفان الأقصى»، تبرز الحاجة إلى قراءة متأنّية لمساري السعودية وإيران، ومدى انعكاس هذين المسارين على الساحة اللبنانية .
تضيق هوامش المناورة أمام حزب الله في لحظة إقليمية دقيقة تتشابك فيها الضغوط المالية والسياسية والعسكرية، بينما لبنان بأسره يبدو عالقاً في الكماشة.
نشرت وكالة رويترز تحقيقا بعنوان"مصادر: إسرائيل تطلب من جيش لبنان تكثيف البحث عن أسلحة حزب الله".
لطالما جذبت مشاركة المجنسين في الانتخابات النيابية المراقبين لتحديد نسبة تأثيرهم على النتائج.
في «لقاء تنسيقي» عقد في بلدة المصيلح أطلق رئيس البرلمان نبيه بري ما وصفه بـ«البداية من أجل وضع خطة للبدء بإعادة الإعمار».
يتأرجح لبنان بين اتجاهي التفاوض مع اسرائيل والاصرار على المواجهة باللحم الحيّ.
يقف لبنان عند مفترق خطير، تتنازعه قرارات متناقضة بين سلطةٍ تريد التهدئة ومقاومةٍ تتهيّأ للاحتمالات كلها، فيما المنطقة الرمادية تضيق يوماً بعد يوم.