أنطوان سلامة- يتحدث مراقبون كثر عن "عرقنة" لبنان نسبة لما يدور في العراق من مواجهات داخلية وازمات سياسية واقتصادية واجتماعية وصراعات طائفية.
في الشكل، هذا التخوف في محله، ولكن...
اذا كان التنوع في النسيج الوطني متقارب في لبنان والعراق، واذا كان العراق كلبنان يخوض تجربة دستورية حديثة العهد، جاءت بعد حروب طويلة، فإنّ ما يجمع العراق ولبنان قاسم مشترك أساسي يتمثّل في سيطرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية على مفاصل القرار المركزي، وبالواسطة، عبر شركاء في الأيديولوجية والمذهب والتوجهات في ما بات يُعرف بخط الممانعة.
ومن القواسم المشتركة أيضا الاهتمام الأميركي بالدولتين وإن كان العراق أولوية أعمق في استراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط.
ويتعرّض العراق كما لبنان لاهتزازات نتيجة الصراع الدولي والإقليمي الأميركي- الإيراني- السعودي- التركي. الا أنّ الفارق في هذه النقطة الملتهبة بالذات، أنّ القيادة العراقية خصوصا مع مصطفى الكاظمي عرفت كيف تدوّر الزوايا انطلاقا من المصلحة الوطنية العامة، فلم تقع هذه القيادة بما وقعت فيه القيادة اللبنانية من غلوّ في اتخاذ الموقف الذي أخرج بيروت من الدائرة العربية.
وبالرغم من الموقف العراقي، في جامعة الدول العربية، المعارض لإبعاد سورية، فإنّ وزير خارجيتها لم يكن مرة، كوزير خارجية لبنان، متماديا في اعتبار القضية السورية الأولوية في السياسة الخارجية لبلاده.
اعترضت الديبلوماسية العراقية على "إبعاد سورية" لكنّها لم تخرج مرة من تحت المظلة العربية، كما فعلت الديبلوماسية اللبنانية التي تتحمّل بمواقفها جزءا واسعا مما يُسمّى حاليا "الحصار" المفروض على لبنان.
هذه النقطة بالذات، ونقاط أخرى، التي عزلت لبنان، استطاعت الدولة العراقية أن تتعامل معها بديبلوماسية فائقة الدقة والخبرة، والدليل أنّ العلاقات العراقية السعودية في أفضل حال من التبادل ، وتوجها الملك سلمان بن عبد العزيز، مؤخرا، بقمة عقدها عبر الاتصال المرئي مع رئيس مجلس الوزراء في جمهورية العراق مصطفى الكاظمي(٢٥/٣/٢٠٢١).
ومن "دهاء" الديبلوماسية العراقية أنّ الكاظمي أبلغ الملك سلمان تأييد حكومته "المبادرة السعودية في اليمن" بمعزل عن الموقف الإيراني منها، واتفق مع الملك على إبعاد المنطقة عن التوترات والسعي " المشترك لإرساء دعائم الأمن والاستقرار".
وانتهى الاتصال المرئي بدعوة الملك رئيس الوزراء العراقي الى زيارة المملكة والبحث مع ولي عهده الأمير محمد بن سلمان في سبل تعزيز العلاقات بين " البلدين والشعبين الشقيقين".
وعلى الفور قبل الكاظمي الدعوة الملكية.
هذا الجزء من "العرقنة" لماذا يُمنع عن لبنان؟
هذا هو السؤال.
استطاع العراق، ومنذ سقوط نظام صدام حسين أن يبقى في المدى العربي من دون أن يعادي الجمهورية الايرانية أو يعرقل مصالحها الإقليمية، ومن دون أن يواجه "الإرادة الأميركية" الحيوية له، في حين أنّ لبنان، خصوصا في السنوات القليلة الماضية، تعامل مع موقعه في الخريطة العربية، كصمام أمان، بخفّة متمادية، فوجد نفسه معزولا أو محاصرا أو مهملا في اللحظة التي يحتاج الى المساعدة العربية كمصلحة وطنية جوهرية، تماما كما العراق والأردن ومصر والسودان...
ولن تنفع "استدارة" وزارة الخارجية في عهد الوزير الحالي شربل وهبة الذي خلف الديبلوماسي الخبير بالشؤون العربية ناصيف حتي الذي استقال بعد ادراكه أنّ لبنان تمادى في إغلاق نوافذه تجاه المنظومة العربية.
هل تأخر الوقت "لعرقنة الديبلوماسية اللبنانية"؟...
"العرقنة" ضرورية للديبلوماسية اللبنانية لتنجو"مصالح بلادها العليا" تماهيا مع " العراق الشقيق" السبّاق في المشي بين النقاط على دروب الرياض وواشنطن من دون أن ينسى طريقه الى طهران...
فهل فات الميعاد...
لا تزال ايران تصرّ على رفض تسليم حزب الله في لحظة من الحيرة في استئناف المفاوضات النووية.
شكلت مواقف الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام أمام الوفد الايراني منعطفاً في تاريخ لبنان الحديث.
يتابع الاستاذ جوزيف أبي ضاهر كتاباته "تحت الضوء" مستعيداً وجوه الفساد بين ماضيها وحاضرها.
تباينت المواقف بين حزب الله وحركة أمل في مقاربة قرار الحكومة بشأن حصرية السلاح.
اعتُبر قرار الحكومة بحصرية السلاح مفصليا بتكليف الجيش اللبناني وضع خطّة لحصر السلاح قبل نهاية العام.
يتابع الاستاذ جوزيف أبي ضاهر مقاربة الواقع اللبناني المأزوم في الحلقة الرابعة من "تحت الضوء" بأسلوب الشاعر -المراقب.
تتكثّف المساعي السياسية من أجل التوصل الى مخرج سليم لمعضلة حصرية السلاح.
تتكثف الاتصالات قبل أيام قليلة من انعقاد مجلس الوزراء للبحث في بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها من أجل صياغة تسوية.
تتجه الأنظار الى اجتماع الحكومة الاسبوع المقبل لمعرفة ما سيصدر عنها بشأن حصرية السلاح.
زار رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وزارة الدفاع بمناسبة عيد الجيش ووضع اكليلا على ضريح شهداء الجيش.