صدر حديثا كتاب ملفت لحسان الزين بعنوان:"طانيوس شاهين ماذا فعلت لاستحق هذا؟" عن دار رياض الريس للكتب والنشر.
الخميس ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٥
أنطوان سلامه-يقارب حسان الزين شخصية طانيوس شاهين في كتابه الجديد(طانيوس شاهين:ماذا فعلت لاستحق هذا-رياض الريس) من زاوية استثنائية، محمّلًا هذه الشخصية بسرد لفظي لم تصلنا تفاصيله في الوثائق أو كتابات معاصريه، باستثناء بعض الشذرات التي نقلها عنه كل من بوجولا ومنصور الحتوني، غير أنّ حسان الزين، بحرفية دقيقة، حوّل هذه الشخصية التاريخية القليلة الكلام والكثيرة الأفعال إلى راوٍ حقيقي، يكشف عن تجاربه وحوادث حياته الثورية، في قالب قصصي قريب من أسلوب المذكرات بالمعنى الحديث، ليمنح القارئ إحساسًا مباشرًا بالواقع التاريخي المعاش، لا مجرد سرد ثانوي أو أكاديمي. ولكي تنجح هذه المقاربة الخاصة والاستثنائية، أبدع حسان الزين في إقناع القارئ بأن سردية طانيوس شاهين ليست مجرد خيال، بل تصوير دقيق لعصره. استطاع أن يضفي على الشخصية لغة زمنها، تكشف عمق تأثيرها في كسر الهرمية الإقطاعية في كسروان، وتُظهر مزيجًا من الشجاعة والدهاء الذي ميّز قيادته الثورية. وقد يبدو الاستخدام المكثف لمفردات ومصطلحات من عصر شاهين نوعًا من تأسيس قاموس لغوي يجمع بين الأصالة والافتعال، لكنه يمنح النص قيمة لغوية وتاريخية في آن واحد، ويعيد بناء العالم الذي عاش فيه هذا الثائر-الانقلابيّ. من أبرز مميزات الكتاب، القدرة على توظيف المذكرات الوهمية بطريقة تقنع القارئ بأن ما تخيّله الكاتب واقع محتمل. فعلى سبيل المثال، حين يصف شاهين تحركاته في كسروان والتعامل مع الطبقات المختلفة من الإقطاعيين والفلاحين والقناصل والاكليروس، تنسج اللغة التاريخية مع السرد الروائي بشكل يجعل الأحداث الواقعية والخيالية تتقاطع بلا اصطدام، مما يمنح النص مصداقية عالية ويقرب القارئ من تجربة عيش الشخصية. بذلك، لا يقتصر كتاب حسان الزين على تأريخ الأحداث فحسب، بل يوثق لغة زمن مضى، ويضبط سردية ثورة الفلاحين في نص متماسك، معتمدًا على خيال مستند إلى الواقع، في حين يظل ملمًّا بأدق تفاصيل الأحداث وتعقيداتها ومساراتها الغامضة والمكشوفة على حد سواء. وما يميز هذا العمل هو قدرة المؤلف على جعل ما تخيّله يبدو واقعيًا إلى درجة الصحة التاريخية، ما يعكس احترامه للتاريخ واللغة معًا. وليس حسان الزين الوحيد الذي كتب عن هذا الثائر؛ فقد سبقته جهود أدبية أخرى، منها قصيدة الشاعر أسعد سابا الغسطاوي التي تمجّد طانيوس شاهين، فتصوره بعيدًا عن أي شطط في القيادة، معتبرًا إياه رمزًا للثورة والعدل، ما يعكس استمرارية الاهتمام بالشخصية التاريخية في الأدب اللبناني عبر الأجيال. تتقاطع مقاربته مع محاولات نافرة ممن سبقه في المزج بين الدقة التوثيقية والتفاصيل اليومية واللغة الخاصة بالعصر في سردية حياتية تاريخيا، ككتاب أميركيين وأوروبيين، استخدموا شخصيات تاريخية أو أسطورية للكشف عن صراع الفرد مع البنى الاجتماعية والاقتصادية. يُشكّل كتاب حسان الزين مساهمة نوعية في فهم التاريخ المحلي لكسروان وثورة الفلاحين، إذ لا يقتصر دوره على سرد الأحداث، بل يتعداه إلى إعادة بناء الوعي الجمعي المرتبط بالشخصيات التاريخية. من خلال المزج بين الخيال والوثائق، يعيد الكتاب تشكيل ذاكرة القراء تجاه طانيوس شاهين، ويمنحهم أدوات لغوية وثقافية لفهم العصر، بما يخلق جسرًا بين الماضي والحاضر. بهذا، يتحول النص من مجرد رواية تاريخية إلى نص تأريخي-ثقافي قادر على إعادة إنتاج الذاكرة الجماعية، وتقديم رؤية متوازنة تجمع بين الواقع التاريخي وعمق السرد الروائي. يمكن قراءة مقاربة حسان الزين لشخصية طانيوس شاهين في ضوء التجارب الغربية التي توغلت في الذاكرة الفردية والجماعية لتغذية النص السردي. فقد شجّعت جائزة نوبل على الاقتراب من الذاكرة، سواء كانت فردية أو جماعية، وتحويلها إلى عناصر أساسية في البناء السردي، بما يتيح للكاتب تحرير المكان والزمان من قيودهما التقليدية، واستكشاف أبعاد الإنسان في علاقته بمجتمعه وتاريخه. تذكّرنا هذه التجربة بما قامت به جائزة نوبل سابقًا مع أدب نجيب محفوظ، الذي توغل في الحارة المصرية ليصوّر حياة المجتمع من الداخل، متتبّعًا خيوط العلاقات اليومية والتحولات الاجتماعية. وبالمثل، التزمت آني إرنو بالنورماندي الفرنسي لتفكيك سياجات المكان التقليدية، وإظهار ما تحويه من رموز إنسانية واجتماعية وتاريخية، لتغدو كتابة المكان ذا أبعاد عالمية تتجاوز حدوده الجغرافية المباشرة. هنا يظهر التشابه مع كتاب حسان الزين، الذي استثمر التاريخ المحلي في كسروان، وحرر سرديته من مجرد الحكايات التوثيقية الجامدة، ليحول شخصية طانيوس شاهين إلى راوٍ يفضح المجتمع الإقطاعي والفلاحين الثائرين والقناصل والبطريرك والأساقفة والبورجوازيين الجدد... ويستحضر لغة عصره بدقة مذهلة. فالكتابة عن المدار المحلي، كما يشير الزين، تكتنز علامات تتخطى الحد المحلي لتفتح أفقًا أوسع، حيث يلتقي التاريخ بالخيال، والفرد بالمجتمع، والواقع بالذاكرة.
تتداخل العوامل السلبية في صناعة الحالة اللبنانية المتشعبة في انهياراتها وابتكاراتها في البقاء.
تتكثّف الإشارات عن تبدّل عميق في مقاربة واشنطن للملف اللبناني، فيما تتقاذف القوى السياسية الاتهامات بتسميم صورة خصومها في العاصمة الأميركية.
ينطلق الأستاذ جوزيف أبي ضاهر من ثقافة كمال جنبلاط كسياسي -أنموذج ليقارن بينه وبين سياسيي هذا الزمن.
في لحظة إقليمية مكتظة بالتغيّرات بعد «طوفان الأقصى»، تبرز الحاجة إلى قراءة متأنّية لمساري السعودية وإيران، ومدى انعكاس هذين المسارين على الساحة اللبنانية .
تضيق هوامش المناورة أمام حزب الله في لحظة إقليمية دقيقة تتشابك فيها الضغوط المالية والسياسية والعسكرية، بينما لبنان بأسره يبدو عالقاً في الكماشة.
نشرت وكالة رويترز تحقيقا بعنوان"مصادر: إسرائيل تطلب من جيش لبنان تكثيف البحث عن أسلحة حزب الله".
لطالما جذبت مشاركة المجنسين في الانتخابات النيابية المراقبين لتحديد نسبة تأثيرهم على النتائج.
في «لقاء تنسيقي» عقد في بلدة المصيلح أطلق رئيس البرلمان نبيه بري ما وصفه بـ«البداية من أجل وضع خطة للبدء بإعادة الإعمار».
يتأرجح لبنان بين اتجاهي التفاوض مع اسرائيل والاصرار على المواجهة باللحم الحيّ.
يقف لبنان عند مفترق خطير، تتنازعه قرارات متناقضة بين سلطةٍ تريد التهدئة ومقاومةٍ تتهيّأ للاحتمالات كلها، فيما المنطقة الرمادية تضيق يوماً بعد يوم.