Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


رحيل الرجل الطيّب

أنطوان سلامه-لماذا نكتب عمن نعتبرهم " من النجوم" والشخصيات حين يرحلون، ولا نكتب عن الناس الطيبين حين يغيبون.

الأحد ٢١ يونيو ٢٠٢٠

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

 أنطوان سلامه-لماذا نكتب عمن نعتبرهم " من النجوم" والشخصيات حين يرحلون، ولا نكتب عن الناس الطيبين حين يغيبون.

مات حنا غانم والد الزميل بيار غانم.

قد يتفاجأ البعض بتخصيص "ليبانون تابلويد" صفحة، تحية لوالدنا حنا، وحنا هو والد كل من عرفه.

ربما مات في عيد الأب.

هل هي الصدفة أو الإشارة!

ففي الوقت الذي ينهار لبنان، توفي حنا غانم في الغربة في الولايات المتحدة الأميركية.

بعيدا عن يحشوش اختار لحظة رحيله، ويحشوش في هذا الزمن، ككل زاوية من لبنان، هي الغربة في أصلها.

حين كنا نزور بيار في بيته في حارة صخر، أو نقصده صيفا في يحشوش، كان حنا هو "سيد الدار"، ذاك السيد الذي يعيش دوما في هالته، في عفويته، في بساطته، في محبته التي تعطيه وقارا، وتهب حديثه الرقراق رونق الكلمة التي تبلسم ولا تجرح.

سيذكر الصحافيون، أصدقاء بيار، كيف كان حنا، يستقبلهم، بهذه البشاشة، وطهارة القلب.

حنا هو مثال الأب اللبناني الذي نذر حياته لعائلته.

يعمل، يكد، لترتقي عائلته التي هي جوهر حبه، وغايته.

والترقي بالنسبة لهذا الجيل من الأباء هو العلم، والعلم فقط.

العلم لهذا الجيل الذي اقتصرت دراسته على فك الحرف، طريق العزّ والفخر والوجاهة.

حنا غانم، القصير القامة، الضاحك أبدا، المحدّث اللبق، الذي ينتظر أصدقاء بيار ليجادلهم في مسار الحرب والسلم في لبنان، هو قامة لا تقاس ببذلة "كاكية فاتحة اللون" كان دوما يرتديها، ولا يقيّم الا بما دفق منه حبا وسلاما وطمأنينة لا تجدها الا في أمثاله من الأباء الذين زهدوا، وكافحوا.

هو الوالد اللبناني الأصيل الذي يبيع غاليا، لا للقمة عيش، ولا لرفاه عابر، بل ليدرّس أولاده، في مدرسة وجامعة، والباقي يتكفّل به الله الذي يرعى.

هذا هو نهج حنا غانم كنهج أي أب لبناني، واجه اضطراب بلده منذ الاستقلال...

وعلى رغم قساوة الحياة، ظل حنا غانم يبتسم ويحب الناس، كل الناس.

البساطة هي نهجه وسرّه.

الكرامة هي جزء من اطلالته، حين يعود من بيروت، بعد يوم عمل شاق، ليمدّ رجليه على مقعده في البيت، هانئ الضمير.

في هذه الهناءة، عاش الزميل بيار وشقيقه وشقيقته، في رعاية أم ترضى، ووالد رائع في نبرة صوته، وقهقهته التي تختمرسخرية ذكية لا تدّعي .

طيب كان حنا غانم، ساخر، وساحر...

يغيب اليوم، ومعه يغيب جيل من الأباء، علمونا، أنّ الحياة مشوار جميل لمن يعرف كيف يحيا فيها، بهذه البساطة التي تختصر معنى العيش بفرح في هذه "الجهنم" التي اسمها كوكب الأرض.

 

*تتقدم ليبانون تابلويد من الزميل بيار غانم، مراسل العربية في واشنطن، والمذيع السابق في تلفزيون لبنان، والإعلامي اللبناني في دنيا الاغتراب، بأحر التعازي، وستبقى ذكرى والده في البال والقلب.

 

      

  

 

 


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :44707 الخميس ٢٨ / يناير / ٢٠٢٤
مشاهدة :41553 الخميس ٢٨ / يونيو / ٢٠٢٤
مشاهدة :41158 الخميس ٢٨ / يناير / ٢٠٢٤
معرض الصور