Lebanon News I ليبانون تابلويد : أخبار الساعة من لبنان والعالم!


البابا يجتمع بالرؤساء الروحيين المسلمين ورسالة شيعية

عقد اجتماع  في مقر السفارة البابوية في حريصا ضم البابا لاوون الرابع عشر والرؤساء الروحيين المسلمين.

الثلاثاء ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٥

اخبار ليبانون تابلويد الآن عبر خدمة
اضغط هنا

ضمّ اجتماع السفارة البابوية في حريصا، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الإعلى الشيخ علي الخطيب، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، رئيس المجلس الإسلامي العلوي في لبنان الشيخ علي قدور، السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا ومسؤولين في الكرسي الرسولي.

وعرض المجتمعون الواقع اللبناني والظروف الصعبة التي يمر بها لبنان ، لا سيما في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر، وتمنوا على قداسة البابا المساعدة في المحافل الدولية من أجل المساهمة في تحقيق الاستقرار ، فأكد الحبر الأعظم أنه سيواصل جهوده السياسية والدبلوماسية في هذا المجال.

ورفع العلامة الخطيب إلى البابا خلال اللقاء رسالة مطولة يشرح فيها رؤية الطائفة الإسلامية الشيعية للبنان والعلاقة مع المكونات اللبنانية، والظروف التي عاشتها وتعيشها هذه الطائفة ولبنان بشكل عام في ظل العدوان الإسرائيلي، كما قدم للبابا نسخة من كتاب "نهج البلاغة" الذي يتضمن خطب ورسائل الإمام علي بن أبي طالب.

 وهذا نص الرسالة التي سلمها العلامة الخطيب لقداسة البابا:

"نحييكم بتحية الإسلام الذي يؤمن بالسيد المسيح عليه السلام، رسولا ونبيا ومبشرا وهاديا. تحية طيبة لجنابكم من لبنان الجريح الذي لطالما اعتبره الكرسي الرسولي في الفاتيكان، رسالة وليس بلدا على هامش التاريخ . إننا نرفع اليكم خالص التمنيات بالتوفيق والأمل، بأن تحمل زيارتكم لبلدنا كل فرص النجاح ،وأن تُثمر في تعزيز الوحدة الوطنية المهتزة في هذا البلد المثخن بالجراح، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على أهله وأرضه. ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نضع بين أيديكم رؤيتنا الصادقة لموقف طائفتنا ،طائفة المسلمين الشيعة ،لمستقبل هذا البلد ،إستنادا إلى ثقافتنا الروحية الثابتة على مدى الأجيال".

وتابع: "إننا نستوحي هذه الثقافة من مواقف الرسول الاكرم محمد بن عبد الله ،ومن خليفة المسلمين أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب ،الذي يسعدنا أن نقدم لكم كتاب "نهج البلاغة" الذي يشكل أهم وأقدس كتاب لدينا بعد القرآن الكريم، والذي نستمد منه هذه المواقف وهذه الثقافة ، وهو يرسم طبيعة العلاقة بين البشر بعبارته الإنسانية البالغة المعنى :"الناس صنفان.. إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق".

ونحن نعتبر أنفسنا أخوة في الايمان ونظراء في الخلق ،لا نفرّق بين أبناء البشر إلا بالتقوى ،كما يقول رسولنا الكريم محمد بن عبد الله، وأن الاختلاف من طبيعة البشر، وأن العلاقة بين المختلفين محكومة بالحوار والتعارف والتعاون على البِر والتقوى، وأن التعايش السلمي بين اتباع الديانات المختلفة هو القاعدة والأساس، وأن ما يحصل من حروب مفتعلة باسم الأديان لا يعبر عن حقيقة الدين الذي يقوم اولا على اساس حرمة الانسان وكرامته، كما ورد في القرآن الكريم قوله تعالى ( ولقد كرمّنا بني آدم )، وثانيا على احترام حرية الاعتقاد ( لكم دينكم ولي دين ) ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾. على ان المسيحية حظيت في القرآن الكريم بنظرة خاصة واحترام لافت. فالعلاقة معها تقوم على اساس الحوار وب"التي هي أحسن".

واضاف: "يقول الله في القرآن الكريم ( ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ). وقال ايضا ( ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن ). والقرآن الكريم هو المرجع في تقييم نظرة الاسلام الى العلاقة بين اهل الاديان وبين الشعوب والأمم، لا الممارسات التاريخية والعلاقة بين الطرفين، وخصوصا بين المسلمين والمسيحيين، والتي لا تعبرعن حقيقة الاسلام ولا المسيحية، حيث استُغل اسم الدين لاغراض سلطوية غير دينية حُمِّل الدين زورا وزرها.

 ان فهمنا لوظيفة الدين كطائفة اسلامية شيعية هي التقريب بين المواطنين وشدّ اللحمة الوطنية بينهم، لا وضع حواجز التعصب والكراهية، وأن ما يجب ان ترتكز حياتهم عليه هو القيم التي تشترك وتدعو اليها كافة الاديان التي من اهمها كرامة الانسان، وتستدعي المساواة بينهم في الحقوق والواجبات، وأن التمايز بينهم ليس على اساس الانتماء الديني والعقائدي، وانما على اساس التقوى. وقد جاء النص القرآني ليقرر هذه الأسس ( يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ). وجاء بيان المقصود من التقوى في قول رسول الاسلام ( الخلق كلهم عيال الله واحبهم اليه انفعهم لعياله )، حيث وُجِّه الخطاب، سواء في النص القراني او في خطاب النبي محمد، الى الناس كافة، وليس الى المسلمين فقط.

ولم يجعل المعيار في التفاضل هو الانتماء العقائدي والديني، وانما كيفية التعامل فقال النبي محمد ( الدين المعاملة )، ولم يحدث ان حمّل الاسلام النصرانية كدين وزر المسيحيين، كما تعاطى مع المسلمين تماما، فأدان اخطاءهم ورفض التمييز والتعاطي على اساس عصبي، واعتبر ان لكل اخياره واشراره. فقد سأله بعض المسلمين قائلا ( هل من العصبية يا رسول الله ان يحب المرأ قومه ؟ قال: لا ولكن العصبية ان ترى شرار قومك خير من خيار قوم آخرين).

 بناء على ما تقدم فإن الطائفة الإسلامية الشيعية ،لم يكن لها على مر التاريخ مشروع سياسي مستقل أو منفصل عن الأمم التي عاشت في كنفها ،بل لطالما نادت على هدي كبارها بالوحدة والتكامل ،وهي في لبنان لم تخرج عن سياق هذا النهج ، وقد دفعت الأثمان الغالية نتيجة تمسكها بوحدة الوطن وانسجام أبنائه بجميع مكوناتهم الدينية والعرقية، ودافعت عن هذه الوحدة بكل ما تملك من إمكانات مادية وبشرية، فحاربت الأفكار التقسيمية ووقفت في وجه المحاولات والرياح الخارجية المسمومة التي هدفت إلى النيل من هذه الوحدة. فعندما أسس الإمام المغيب السيد موسى الصدر المجلس الإسلامي الشيعي الإعلى في أواخر الستينات ،والذي نحمل اليوم شرف قيادته ،كانت شعاراته الوحدوية ناموسا ونبراسا لجميع أبناء الوطن ،وهو الذي دخل الكنائس وأقام فيها الصلوات تعبيرا عن هذا المنهج،ورفع الصوت عاليا في بداية الحرب الأهلية اللبنانية رافضا المَسّ بالأخوة المسيحيين او عزلهم ، وتحمّل الكثير الكثير من المواقف المناهضة لرؤيته ،حتى كان تغييبه في ليبيا عام 1978 ثمنا باهظا لشخصه وللوطن اللبناني.

وعلى نهج الإمام الصدر سار خلفاؤه من بعده على رأس هذه الطائفة ،وكذلك المكونات السياسية التي أنشأها،وهي ما زالت تسير على نهجه ،سواء على صعيد الوحدة الوطنية أم على مستوى الدفاع عن الوطن في وجه القوى الخارجية التي تستهدف لبنان ،وفي طليعتها الكيان الإسرائيلي. لقد وعى الإمام الصدر باكرا خطر المشروع الإسرائيلي المحدق بلبنان والمنطقة والعالم ،القائم على الارهاب والاحتلال والتوسع والهيمنة على حساب شعوب المنطقة ودولها، من دون اعتبار للقيم والقوانين والأخلاق ، فكافح بكل السبل السلمية لدفع هذا الخطر ، لكن إسرائيل أمعنت في غيّها تجاه لبنان فاجتاحت أرضه مرة واثنتين وثلاث وأكثر ،وكان على اللبنانيين، وفي طليعتهم أبناء الطائفة الإسلامية الشيعية، نتيجة وجودهم على الحدود مع فلسطين ، مواجهة هذا الاحتلال واستخدام حقهم المشروع في المقاومة ، تماما كما فعلت كل شعوب العالم في مواجهة الإحتلالات، خاصة في غياب دولة قوية تدافع عن حدود الوطن وعن كرامة واستقرار وامن مواطنيه. لقد تحمّلت هذه الطائفة الأعباء الكبرى عن الوطن ،سواء على الحدود وفي مختلف المناطق ،وكانت الحرب الأخيرة والإعتداءات المستمرة عليها، أكبر مثال على ذلك ،على الرغم من اتفاق وقف النار الذي رعته دول كبرى ،فلم تفِ إسرائيل بالتزاماتها ولا وفت الدول الراعية بتعهداتها. إن العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان من شأنه أن يعيد تفجير الأوضاع على نطاق واسع ،لذلك نأمل من حضرتكم إستخدام سلطتكم لدى الدول الفاعلة لكبح جماح هذا العدوان ،والإلتزام باتفاق وقف النار حرصا على السلم في لبنان والمنطقة".

وقال: "إننا طلاب سلم ،لكنه السلم القائم على العدالة والحق وحفظ الكرامة الإنسانية . فعندما ساندت طائفتنا الشعب الفلسطيني في غزة ،إنما استمدت موقفها أولا من هذه الرؤية ومن إيمانها بأن هذا الشعب له الحق بالحياة الكريمة، خارج سياط الاحتلال وقمعه الذي شهدتم في الفترة الأخيرة فصولا مأساوية من حرب الإبادة التي تعرض لها هذا الشعب ، وهو ما دفعكم شخصيا لاتخاذ مواقف مناهضة لهذه الممارسات،هذه المواقف التي نوجه لكم أسمى آيات التحية والتقدير حيالها.

وثانيا من موقف مسؤوليها الصريح حول التوسع والاحتلال للبنان والدول المحيطة لانشاء دولة "اسرائيل الكبرى" والتهديدات المستمرة للبنان وشعبه، وهي تمارس اليوم وبشكل مستمر عدوانا مباشرا على لبنان وتغتال المواطنين العزّل وتدمّر بيوتهم ومزارعهم ومصانعهم، وتمنع اعادة الحياة في مناطقهم، وتمنعهم من ترميم بيوتهم المتضررة بفعل العدوان الإسرائيلي، فضلا عن اعادة اعمار القرى التي دُمرت بشكل كامل، على الرغم من ان الامين العام للامم المتحدة وقوات اليونفيل في جنوب لبنان والحكومة اللبنانية، اقروا بأن لبنان التزم موجبات الاتفاق الأممي الذي وقعت عليه اسرائيل ، وبضمانة أمريكية- فرنسية، فتنصلت الولايات المتحدة اخيرا لها، واعطت الضوء الاخضر لإسرائيل لمواصلة اعتداءاتها، اضافة الى فرض حصار مالي مطبق على لبنان لمنع اعادة الاعمار وربطه بنزع السلاح وتدميره، ومنع الجيش اللبناني من الاحتفاظ به واستخدامه للدفاع عن لبنان، واعطاء الحق لإسرائيل في ممارسة العدوان على لبنان لأي ذريعة يدعيها تبيح له ذلك.

 نحن كطائفة اكثر تمسكا بالدولة التي تقوم بواجبها في الدفاع عن سيادتها وكرامة شعبها، ولسنا مغرمين بحمل السلاح وتقديم ابنائنا شهداء كبديل عن الدولة، وانما تم دفعنا الى هذا، ولم يكن ذلك خيارا لنا حين تُركنا نواجه العدوان وحدنا، وتخلت الدولة عن مسؤولياتها.

واذا كانت الدولة قاصرة عن الدفاع عن ترابها وشعبها، فلماذا يراد سلب اهلنا حق الدفاع عن أنفسهم وهو حق انساني فطري وشرعي وقانوني، اقرته الشرائع الدينية والمدنية.

 لذلك فإننا نتقدم منكم بهذه الرسالة آملين من جنابكم وبما لكم من تأثير، الضغط من اجل تطبيق الاتفاق ووقف الخروقات له، والتي زادت عن خمسة الاف، وتمكين المواطنين في المناطق المتضررة من العودة لممارسة حياتهم الطبيعية واعادة اعمار قراهم وبيوتهم المهدمة ومزاولة حياتهم الطبيعية فيها .

 إننا نترقب نتائج زيارتكم إلى لبنان بروح الأمل،ونراهن على حكمتكم لفتح ثغرة في جدار الأزمة اللبنانية . كما نتطلع الى تفعيل الحوار بين المسلمين والمسيحين والتعاون الجاد، خصوصا في القضايا التي تمسّ القيم الإنسانية واثرها السلبي على الحياة البشرية وبقائها، من تفكيك الأسرة والمجتمعات الإنسانية، بما يمسّ كرامة الانسان والقيم الدينية المشتركة". وختم: "نتطلع بأمل الى استمرار التواصل بين القيادات الدينية، تبعا لما بدأه رأس الكنيسة الكاثوليكية السابق مع المرجعية الدينية في النجف الاشرف المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وفي الامارات العربية المتحدة مع شيخ الازهر سماحة الشيخ احمد الطيب، وذلك لتحقيق العدالة وانصاف الشعبين اللبناني والفلسطيني في استعادة حقوقهما المغتصبة،ولتحقيق الأمن والإستقرار الدوليين".


أحدث مقاطع الفيديو
مشاهدة :56811 الثلاثاء ٠٢ / يناير / ٢٠٢٥
مشاهدة :53865 الثلاثاء ٠٢ / يونيو / ٢٠٢٥
مشاهدة :52907 الثلاثاء ٠٢ / يناير / ٢٠٢٥