هل فرنجية وأزعور "دمى" بيد الداعمين؟
تُسجّل مفارقة غريبة في معركة رئاسة الجمهورية تتمثّل في أن من يدعم المرشحين فرنجية وأزعور يتحرك ويُعلن ويناور أكثر منهما.
الأحد ٠١ أكتوبر ٢٠٢٣
المحرر السياسي- تدور معركة الانتخاب الرئاسي في دائرة مغلقة بفعل غياب الغالبية في مجلس النواب والتوازن السلبي في موازين القوى فيه، وفي ظل عجز فرنسي وقطري في إحداث خرق في متاريس الكتل النيابية المتصارعة أو التي يجلس أعضاؤها على ضفة الانتظار. في حين يتحدّث الجميع عن المعركة الرئاسية الا من ترشّح علنا سليمان فرنجية وجهاد أزعور والتزم العماد جوزاف عون الصمت، تبدو المعركة "سوريالية الطابع" محليا. فبعد عجز رئيس مجلس النواب نبيه بري في عقد " الحوار" الذي يريده مفتاحا لفتح دورات متتالية لجلسة الانتخاب، امتدّ هذا العجز الى المرشحين الذين، بحكم خوضهم المعركة، من المفترض، أو من الواجب، أن يكثفوا حركتهم في اتجاه الكتل النيابية لإقناعها، في حوارات ثنائية، توضح صورة الخيارات النهائية لها وتأثيرها على فرص نجاحهم. استأنف جهاد أزعور عمله كمدير الشرق الأوسط وآسيا في صندوق النقد الدولي، صامتا، وكأنّ المعركة التي يُديرها غيره عنه لا تعنيه. وينعزل سليمان فرنجية في بنشعي صامتا أيضا لولا تصاريح تصدر عن نجله النائب طوني فرنجية تؤكد استمرار والده في الترشح، في وقت يُدير حزب الله معركته علنا على أنّه مرشحه الوحيد. وتملأ حركة أزعور وفرنجية في حال خاضا فعلا معركة رئاسة الجمهورية، بشكل مباشر لا بالواسطة، فراغا ثقيلا، طالما أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يحدّد موعدا جديدا لجلسة انتخاب، مفضلا الحوار كباب انفراج ،علما أنّ كتلا نيابية اقترحت عليه أن يكون الحوار " حرا" جماعيا وثنائيا بين الكتل ومفتوحا على لقاءات متعددة لا تنحصر في حوار " الطاولات" التقليدية، وهذا الاقتراح من الممكن أن يتولاه المرشحان الأساسيان فيفرضا ايقاعا جديدا في المعركة، ويمارسا حقهما الطبيعي من موقعهما كمرشحين يمتلكان الأصوات الواعدة. يحتاج فرنجية الى أصوات التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي ليكتسح مجلس النواب، أو يحتاج الى أصوات مستقلين أو محايدين ليقبض على مفتاح قصر بعبدا، ومع ذلك، لا يتصرّف فرنجية كمرشح يحترم دوره. ويحتاج أزعور الى أصوات كتل سنيّة ومستقلين فتنفتح له طريق بعبدا، ومع ذلك لا يتصرّف كمرشح يحترم دوره. ويخسر المرشحان الفعليان فرنجية وأزعور ومن يدعمهما فرص الحراك من أجل الخرق في وقت بدأ الضغط الدولي يتجه الى الخيار الثالث الذي يُطيح بفرنجية وأزعور معا. قد يكون الجواب، أنّ فرنجية يتحرّك من خلال وسطاء مخفيين في مقدمهم نجله النائب طوني فرنجية ويوسف فنيوس ويتواصل مع الموفد الفرنسي جان ايف لودريان والقطري أبو فهد جاسم الطحيني ،وكذلك أزعور، الا أنّ المعركة الرئاسية التي تنحصر في مجلس النواب لا يمكن أن تحيّد الرأي العام عن مساراتها وطروحاتها ووعودها. في كل العالم، باستثناء الدول الديكتاتورية، تتحوّل منصات الاعلام الى حلبة الصراع والجدل والنقاش والرسائل والمناظرات التلفزيونية على أنواعها. لماذا هذا الغياب للمرشحين، هل يعتقدان أنّ هذا الجهد، في الحوارات مع الكتل والوساطات لتأمين النجاح لا يُجدي، طالما أنّ الخارج هو المؤثر الأكبر، وطالما أنّهما كدمى على مسرح إيمائيّ صامت. أما عن قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي "رُشح" من دون أن يُعلن هو ترشيحه بوضوح، فصمته مبرّر، ويفرض موقعه في قيادة الجيش اعتماده " التقيّة" أو أنّه يدرك أنّه لن ينتقل من اليرزة الى بعبدا الا "بالتراضي" فينتظر نضوج هذه اللحظة.
